بغض النظر عن الطريقة الأملائية التي نكتب بها مفردة (الموسيقى) سواء بالألف المقصورة كما مرت أم بالألف الممدودة (موسيقا)، فأن هذه الكلمة من أرقى الفنون التي عرفها الانسان ومن أقدمها في الوقت نفسه , وهي قبل ذلك تمثل القاسم المشترك الذي تلتقي عنده عدة عناصر , في مقدمتها البناء الذاتي للأنسان , أي مكوناته الفطرية وحجم موهبته من ناحية , ثم البناء العلمي الذي يقوم عليه هذا الفن , من حيث هو علم صوتي يعتمد على أسس رياضية بحتة من ناحية أخرى, ذلك لأن الأوزان الموسيقية والنوتات والألحان ماهي إلا تركيبات وزنية وأزمنة متساوية لاتبتعد كثيراً عن مفهوم (ميزان الشعر) المؤلف من حركات وسكنات على وفق نسب معلومة تؤدي الزيادة والنقصان فيها إلى خلل في الميزان ولعل الشعر والموسيقى هما أكثر الفنون إقتراباً وتآلفاً من بعضهما البعض , ولهذا أطلقوا على من يميز الشعر الموزون من غير الموزون بأنه (يمتلك أذنا موسيقية), بل إن نقاد الشعر إستعاروا لفظة الموسيقى لأطلاقها على (قصيدة النثر) فقالوا بأنها لم تلتزم ببحور الشعر أو تفعيلاته , ولكن مايميزها عن النثر هو (الموسيقى الداخلية) لهذه القصيدة .
وهذه المفردة كما يذكر دارسو التاريخ الموسيقي، يونانية الأصل وكان يراد بها فن الغناء , قبل أن ينفصل الغناء عن الموسيقى إلى وحدتين علميتين لهما شروطهما الخاصة وعلاقاتها الوطيدة في الوقت ذاته , ويروى في هذا المجال بأن اهل اليونان كانوا يعبدون تسع آطات تدعى كل واحدة منها بأسم (موسيقة) أو (موسا) ولأن نسبة الشيء إلى مهنته باليونانية هي (يقي) فقد أصبح ممارس الموسيقى يدعى (موسيقي) وهذه النسبة شبيهة بالياء العربية تماماً كقولنا عن الذي يعمل في مهنة الصحافة (صحافي) والذي يعمل في الصحف بأيّة صفة أخرى غير المهنة (صحفي) ويبدو إن اليونانيين قد إختاروا هذه التسمية من آلهتهم وأطلقوها على الموسيقى , يدل على حذاقة عالية وذوق رفيع , لأن معنى المفردة هو (الملهمة) وبذلك ربطوا ربطاً دقيقاً بين الموسيقى وبين أهم وظائفها وهو الألهام .
أين نشأت الموسيقى
لعل فن الموسيقى حاله حال الرسم والشعر وأغلب الفنون الاخرى , ليس وليد بلد أو مكان معين , إنه على وجه التحديد أُممي لاينتمي إلى أحد بقدر إنتمائه إلى البشرية , مادام يحاول التعبير عن مشاعر الأنسان في حالات الفرح والحزن , وعليه يصح القول بأنه لغة عالمية ولدت من أقصى القطب الجنوبي إلى أقصى القطب الشمالي , ولكن هذا الفن وإبتكار أدواته ومدى تطوره قد تأثر بالضرورة بمدى تطور هذا الشعب أو ذاك, وبمناخات ساعدت على نهوضه وبلورته , ومن هنا , فأن الأعتقاد السائد يذهب إلى أن أجواء الكهانة , واجواء السحر وطقوس السحرة كانت المرتع الأفضل الذي حظي به هذا الفن بمزيد من العناية , وعلى هذا الأساس كانت الحضارات العراقية القديمة , خاصة في بابل قد دفعت بعلم الموسيقى وفنونها إلى مرحلة متقدمة ليس فقط لأن البابليين عنوا عناية كبيرة بالسحر فقط، بل لأن السحر قبل ذلك كان أداة الطبيب الأُولى لشفاء الأرواح وألابدان , حتى أن الساحر كان يطلق عليه إسم الطبيب , والامر اللافت للنظر هنا, هو أن المباحث الطبية الحديثة , وبالذات في ميدان علم النفس, أكدت بتجاربها العلمية على أن الموسيقى يمكن أن تكون وسيلة ناجعة للشفاء من أمراض عديدة .
من المغالاة القول كما يذهب البعض، بأن بابل هي أُم الموسيقى أو لها الفضل في ولادة هذا الفن , ففي سومر مثلاً كانت القيثارة الذهبية التي يدلل إستعمال هذا المعدن النفيس في صناعتها على مدى العناية بالموسيقى , وفي عشرات البلدان الموزعة على قارات العالم تم اكتشاف ادوات موسيقية خاصة بها تعود الى آلاف السنين , وربما كان الأهم من ذلك هو أن الانسان القديم الذي حاول نقل مشاعره ومخاوفه ومعاناته ومشاهداته بالرسم على جدران الكهوف رسوماً بدائية بسيطة تفي بالغرض فأنه حاول كذلك التعبير عن مشاعره عبر الموسيقى مستعيناً بأدواته البسيطة (الحنجرة والكف والقدم) لأصدار إيقاعات أو نغمات أو أصوات تناسب الحالة بل ان الانسان ولد في وسط موسيقي تعزفه الطيور وحركة الرياح وقرقرة المياه وحفيف الأشجار ولابد أن نستذكر بأن هذا الفن هو سيد الفنون واكثرها علاقة وإرتباطاً بالمفردات الحياتية الأخرى , فهو وطيد الصلة بالشعر والغناء والطرب والرقص والسحر والطب النفسي والتربية والتذوق الرفيع والخلق السامي .لايذكر لنا التاريخ الموسيقي إسماً سابقاً على الراهب (جيد و داروز) وذلك مابين (1000-1050م) فاليه يرجع الفضل الأول في اختراع (النوتة) أو تدوين الأنغام الموسيقية , فقد تنبه هذا المخترع الكبير وهو يستمع إلى أحد الالحان بأن كل شطر شعري كان يبدأ بصوت يزيد درجة عن مطلع الشطر السابق , وهذا يقتضي إمتلاكه نفساً عالية الشفافية وأُذنا بالغة الحساسية لألتقاط هذه الفروقات التي بنى عليها إختراعه , وما الحروف المعروفة اليوم (دو-ري-مي-فا-صو-لا-سي) إلا أسماء المقاطع الأولى من تلك الأشطر , والتي حملت إسم (السلم الموسيقي) الذي لم يتغير أبداً منذ ذلك الوقت .
عرفت الشعوب أنواعاً عديدة من الآلات الموسيقية عبر تاريخها الطويل , فهناك مايقوم على الأوتار وهناك مايقوم على النفخ وهناك مايعتمد على النقر إلى غير ذلك , ويصعب حقاً الألمام بمسميات تلك الآلات , ولكنها تخضع جميعاً بأيدي العازفين إلى ذات القوانين الصارمة , ومن المهم أن نلاحظ هنا , بأن الموسيقى مع الزمن قد خضعت إلى نوع من التخصص , فهذه ذات ايقاع سريع وتلك ذات إيقاع بطيء , وهذه راقصة وتلك جنائزية , وعلى العموم فقد إرتبط هذا الفن ببيئة ومجتمعه ودرجة تطوره إرتباطاً وثيقا، حتى لتبدو النغمات والايقاعات والألحان تعبيراً عن مخزون النفس ومعطيات الطبيعة , وهكذا يمكن للمتخصص أن يتلمس بأن هذه الموسيقى هي مما يوائم أجواء الجبال والشلالات , أو أجواء البادية والصحراء , أو أجواء المدن الصاخبة المزدحمة أو أجواء الحرب أو أجواء الفرح أو ذائقة الشرق أو ذائقة الغرب , بمعنى أن هناك روحاً سرية وخفية تتسرب إلى النص الموسيقي، وهذا أمر جميل يحسب لهذا الفن الأنساني العظيم .
وهذه المفردة كما يذكر دارسو التاريخ الموسيقي، يونانية الأصل وكان يراد بها فن الغناء , قبل أن ينفصل الغناء عن الموسيقى إلى وحدتين علميتين لهما شروطهما الخاصة وعلاقاتها الوطيدة في الوقت ذاته , ويروى في هذا المجال بأن اهل اليونان كانوا يعبدون تسع آطات تدعى كل واحدة منها بأسم (موسيقة) أو (موسا) ولأن نسبة الشيء إلى مهنته باليونانية هي (يقي) فقد أصبح ممارس الموسيقى يدعى (موسيقي) وهذه النسبة شبيهة بالياء العربية تماماً كقولنا عن الذي يعمل في مهنة الصحافة (صحافي) والذي يعمل في الصحف بأيّة صفة أخرى غير المهنة (صحفي) ويبدو إن اليونانيين قد إختاروا هذه التسمية من آلهتهم وأطلقوها على الموسيقى , يدل على حذاقة عالية وذوق رفيع , لأن معنى المفردة هو (الملهمة) وبذلك ربطوا ربطاً دقيقاً بين الموسيقى وبين أهم وظائفها وهو الألهام .
أين نشأت الموسيقى
لعل فن الموسيقى حاله حال الرسم والشعر وأغلب الفنون الاخرى , ليس وليد بلد أو مكان معين , إنه على وجه التحديد أُممي لاينتمي إلى أحد بقدر إنتمائه إلى البشرية , مادام يحاول التعبير عن مشاعر الأنسان في حالات الفرح والحزن , وعليه يصح القول بأنه لغة عالمية ولدت من أقصى القطب الجنوبي إلى أقصى القطب الشمالي , ولكن هذا الفن وإبتكار أدواته ومدى تطوره قد تأثر بالضرورة بمدى تطور هذا الشعب أو ذاك, وبمناخات ساعدت على نهوضه وبلورته , ومن هنا , فأن الأعتقاد السائد يذهب إلى أن أجواء الكهانة , واجواء السحر وطقوس السحرة كانت المرتع الأفضل الذي حظي به هذا الفن بمزيد من العناية , وعلى هذا الأساس كانت الحضارات العراقية القديمة , خاصة في بابل قد دفعت بعلم الموسيقى وفنونها إلى مرحلة متقدمة ليس فقط لأن البابليين عنوا عناية كبيرة بالسحر فقط، بل لأن السحر قبل ذلك كان أداة الطبيب الأُولى لشفاء الأرواح وألابدان , حتى أن الساحر كان يطلق عليه إسم الطبيب , والامر اللافت للنظر هنا, هو أن المباحث الطبية الحديثة , وبالذات في ميدان علم النفس, أكدت بتجاربها العلمية على أن الموسيقى يمكن أن تكون وسيلة ناجعة للشفاء من أمراض عديدة .
من المغالاة القول كما يذهب البعض، بأن بابل هي أُم الموسيقى أو لها الفضل في ولادة هذا الفن , ففي سومر مثلاً كانت القيثارة الذهبية التي يدلل إستعمال هذا المعدن النفيس في صناعتها على مدى العناية بالموسيقى , وفي عشرات البلدان الموزعة على قارات العالم تم اكتشاف ادوات موسيقية خاصة بها تعود الى آلاف السنين , وربما كان الأهم من ذلك هو أن الانسان القديم الذي حاول نقل مشاعره ومخاوفه ومعاناته ومشاهداته بالرسم على جدران الكهوف رسوماً بدائية بسيطة تفي بالغرض فأنه حاول كذلك التعبير عن مشاعره عبر الموسيقى مستعيناً بأدواته البسيطة (الحنجرة والكف والقدم) لأصدار إيقاعات أو نغمات أو أصوات تناسب الحالة بل ان الانسان ولد في وسط موسيقي تعزفه الطيور وحركة الرياح وقرقرة المياه وحفيف الأشجار ولابد أن نستذكر بأن هذا الفن هو سيد الفنون واكثرها علاقة وإرتباطاً بالمفردات الحياتية الأخرى , فهو وطيد الصلة بالشعر والغناء والطرب والرقص والسحر والطب النفسي والتربية والتذوق الرفيع والخلق السامي .لايذكر لنا التاريخ الموسيقي إسماً سابقاً على الراهب (جيد و داروز) وذلك مابين (1000-1050م) فاليه يرجع الفضل الأول في اختراع (النوتة) أو تدوين الأنغام الموسيقية , فقد تنبه هذا المخترع الكبير وهو يستمع إلى أحد الالحان بأن كل شطر شعري كان يبدأ بصوت يزيد درجة عن مطلع الشطر السابق , وهذا يقتضي إمتلاكه نفساً عالية الشفافية وأُذنا بالغة الحساسية لألتقاط هذه الفروقات التي بنى عليها إختراعه , وما الحروف المعروفة اليوم (دو-ري-مي-فا-صو-لا-سي) إلا أسماء المقاطع الأولى من تلك الأشطر , والتي حملت إسم (السلم الموسيقي) الذي لم يتغير أبداً منذ ذلك الوقت .
عرفت الشعوب أنواعاً عديدة من الآلات الموسيقية عبر تاريخها الطويل , فهناك مايقوم على الأوتار وهناك مايقوم على النفخ وهناك مايعتمد على النقر إلى غير ذلك , ويصعب حقاً الألمام بمسميات تلك الآلات , ولكنها تخضع جميعاً بأيدي العازفين إلى ذات القوانين الصارمة , ومن المهم أن نلاحظ هنا , بأن الموسيقى مع الزمن قد خضعت إلى نوع من التخصص , فهذه ذات ايقاع سريع وتلك ذات إيقاع بطيء , وهذه راقصة وتلك جنائزية , وعلى العموم فقد إرتبط هذا الفن ببيئة ومجتمعه ودرجة تطوره إرتباطاً وثيقا، حتى لتبدو النغمات والايقاعات والألحان تعبيراً عن مخزون النفس ومعطيات الطبيعة , وهكذا يمكن للمتخصص أن يتلمس بأن هذه الموسيقى هي مما يوائم أجواء الجبال والشلالات , أو أجواء البادية والصحراء , أو أجواء المدن الصاخبة المزدحمة أو أجواء الحرب أو أجواء الفرح أو ذائقة الشرق أو ذائقة الغرب , بمعنى أن هناك روحاً سرية وخفية تتسرب إلى النص الموسيقي، وهذا أمر جميل يحسب لهذا الفن الأنساني العظيم .
الثلاثاء مارس 22, 2011 8:59 am من طرف هزاع
» تعلم الغناء بفهمك للمقامات
الثلاثاء مارس 22, 2011 8:49 am من طرف هزاع
» مقارنة احترافية بين intel و amd+ استفتاء2010
الجمعة مارس 19, 2010 9:14 am من طرف baha
» كلمات حزينة
الأربعاء يناير 27, 2010 5:43 am من طرف المغترب
» النانو تكنولوجيا.. أعجوبة العالم الجديدة
الأربعاء يناير 20, 2010 1:41 am من طرف baha
» شاهد مباريات كاس الامم الافريقية 2010 : مع البرنامج الرائع :
الأحد يناير 17, 2010 10:52 pm من طرف baha
» قـلـــوب للايـجـــار جديد و حصري
الأربعاء يناير 13, 2010 7:38 pm من طرف المغترب
» رحلت ولن اعود
الأربعاء يناير 13, 2010 7:34 pm من طرف المغترب
» إلـــــى مــــن دمـــــرتني..
الأربعاء يناير 13, 2010 7:29 pm من طرف المغترب